إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
158484 مشاهدة
قراءة يس على الموتى

وقال: ( اقرءوا على موتاكم يس ) رواه النسائي وأبو داود .


قوله: (وقال: اقرءوا على موتاكم يس ):
هذا الحديث ضعفه بعضهم، ولكن يظهر أن له شواهد يتقوى بها، فيعمل ولكن بعض الجهلة يقرأها بعد الموت أو عند القبر، والصحيح أنها تقرأ قبل الموت ما دام فيه حياة، فيسمع ويفهم ويتعظ ويتذكر، فمحل قراءتها هو في آخر حياة ذلك المريض فيحضر القارئ ويقرؤها من حفظه أو من المصحف، لأن فيها بشرى، مثل قوله تعالى: قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ [يس: 26، 27] .
وفيها أيضا قوله تعالى: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ إلخ الآية [يس: 55] ففيها هذه البشارة، فيقوى قلبه ويفرح بذلك ويتعلق قلبه بربه.
فقوله: اقرءوا على موتاكم، أي: على الذين في الموت، والذين قرب موتهم وظهرت عليهم أماراته، وهو مثل الحديث الذي قبله: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فكلا الحديثين في المحتضر، فإذا حضر أجله واقترب فإنه يلقن وتقرأ عليه هذه السور.
وبعض الجهلة حملوا الحديثين على غير المراد منهما، فأخذ كثير من الجهلة التلقين بعد الموت أو بعد الدفن، ورووا في ذلك أحاديث أو حديثا ضعيفا رواه الطبراني وذكره صاحب سبل السلام عند شرحه لهذا الحديث: إذا دفنتم الميت وسويتم عليه التراب فقفوا عند قبره وقولوا: يا فلان ابن فلانة فإنه ينتبه، ثم قولوا: يا فلان ابن فلانة فإنه يرفع رأسه، ثم قولوا: يا فلان ابن فلانة، فإنه يجلس، ويقول: أرشدنا أرشدك الله. إلخ الحديث .
ومن الغريب أن هذا الحديث راج على كثير من الجهلة، فصاروا يستعملون التلقين بعد الدفن، وأصبح يستعمل في كثير من البلاد الإسلامية، ففي الشام وفي العراق وفي أفريقيا.. وغيرها، يعملون بهذا الحديث مع أن الحديث ضعيف، حتى قالوا في آخره: يا رسول الله فإذا لم نعرف اسم أمه؟ قال: ادعه باسم أمه حواء. وكل ذلك دليل على غرابته فلا يعمل به، فالتلقين بعد الموت بدعة.
فائدة:
بعدما يتوفي ويتم موته يسن أن يسجى، ثبت عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته سجي في ثوب حبرة - أي: فيه خطوط- وتسجيته حتى تبرد أعضاؤه، ويجعل على بطنه زجاجة أو شيئا ليس بثقيل جدا حتى يمنعه من الربو، لكي لا ينتفخ بطنه، وبعد ذلك يسرعون في تجهيزه.